الأحد، فبراير 27، 2011

هل رأى موسى ربَّه؟ وهل طلِب موسى من الله رؤيته؟ العدد (1)


بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني.



مقدّمة:

حاول القائلون بإمكان رؤية الله ! الاستفادة من حادثة قوم موسى o وطلبهم لرؤية الله والاستدلال بها على عقيدتهم، فقالوا: أنَّ نبي الله موسى o قد طلب من لله ! أن يراه وقومه، فلو كانت الرؤية غير ممكن، فكيف بالنبي موسى o أن يطلب أمراً مستحيلاً؟! فهذا دليل على أنّ الرؤية ممكنة.
فنقول في بيان هذه الحادثة ما يلي:

النقطة الأولى: هل رؤية الله ممكن أو لا؟

النقطة الثانية: هل طلب النبي موسى من الله رؤيته أو لا؟

السبت، فبراير 19، 2011

إعلان الحداد

بسم الله قاصم الجبارين، مبيد الظالمين ، مُدرك الهاربين، غياث المستغيثين.
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله والمرسلين، محمد وآله الطيبين الطاهرين، الهُداة المهديين.
سيما بقية الله في الأرضين، مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا فداه).

بعد الأحداث المؤلمة التي جرت في أرضنا الحبيبة، نرفع أسمى آيات التعازي إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا فداه) وإلى عوائل الشهداء الشرفاء، وجميع المؤمنين الغيارى.

ونفيد الأخوة الأعزاء عن توقّف الموقع عن تنزيل المشاركات حداداً على سقوط الشهداء والجرحى الأبرياء...

أبو روح الله المنامي البحراني.
مدينة قم المقدسة

الأربعاء، فبراير 16، 2011

ما هي أسباب نزول الابتلاءات على المؤمن؟ العدد 3

بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني.


السبب الثاني: التذكير:

فتكون الإبتلاءات لتحصل للمؤمن الموعظة والإعتبار، ولعلّه يكون نزول البلاء سبباً في رجوعه وتوبته إلى الله *، وقد جاءت بعض الآيات القرآنية تُشير إلى هذا النوع من الأسباب، فقال ": ﴿ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقصٍ من الثمراتِ لعلّهم يذّكّرون [1].

و آية أخرى، ﴿أوَ لا يرون أنَّهم يُفتنون في كل عامٍ مرّةً أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذّكرون [2].

وفي الروايات ما جاء عن أمير المؤمنين o أنّه قال: إذا رأيتَ اللهَ سبحانه يُتابعُ عليكَ بالبلاء فقد أيقظكَ، إذا رأيتَ الله سبحانه يتابع عليكَ النعم مع المعاصي فهو استدراجٌ لكَ.

الاثنين، فبراير 14، 2011

ما هي أسباب نزول الابتلاءات على المؤمن؟ العدد 2


بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني.

فصلٌ في بيان أسباب نزول البلاء:
وأما الآن فنأتي لذكر الأسباب التي من أجلها ينزل البلاء على المؤمن.

السبب الأوّل: التمحيص من الذنوب:

وهي بمعنى إزالة وتكفير الذنوب التي تكون في صحيفة أعمال المؤمن، حتى تخلو صحيفة أعماله فيكون مستحّقاً للجنّة، ولو محّصه البلاء ولا زالت الذنوب موجودة –لكثرتها مثلاً-فينزل عليه البلاء حين الموت حتّى ينقّى ويُشدّد عليه حالة النزع، ولو شُدِّد عليه ولا زالت ذنوبه موجودة، فيُنزل عليه البلاء في البرزخ حتّى ينقّى، ولو لم يُنقَّ في عالم البرزخ، عُرّض يوم القيامة لبعض الإبتلاءات والمحن، وإن لم ينفعه لكثرة ذنوبه ادخله الله أعلى طبقة من طبقات النار حتّى ينقى ويطهر من دنس الذنب والخطأ والمعصية، وهكذا حتّى تزول جميع ذنوبه ويكون مستحقّاً لدخول جنّة الخُلد.



الجمعة، فبراير 11، 2011

ما هي أسباب نزول الآلام و الابتلاءات على المؤمن؟ العدد 1


بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني


مقدّمة أولى:
أن أشدَّ الناسِ ابتلاءً هم الأنبياء والمرسلون ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل، وتؤيّده الكثير من الروايات الشريفة، سيأتي ذكر بعضها.

مقدّمة ثانية:
وهي شرطٌ في المقام؛ شرط أن يكون هذا البلاء يتحمّله المؤمن وأن لا يسبّب له (أي نزول البلاء عليه) مضرّة في دينه، ونقصٍ في عقيدته، وتحصل له ردّة فعل ومفسدة أكبر من المنفعة المرجوّة، فيكون من قبيل نقض الغرض، وهو قبيحٌ على الله !.

وسيتبيّن هذا الأمر من خلال معرفة الأسباب وأنّها كلّها تصبُّ في مصبٍّ واحد، وهو رفع شأن المؤمن و استحقاقه لدخول الجنّة يوم القيامة، وإنزال البلاء على المؤمن مع حصول الكفر والارتداد يكون من قبيل نقض الغرض كما قلنا سابقاً.

وما يؤيّد هذا الشرط ما ورد عن أهل بيت العصمة والطهارة m؛ عن أبي جعفر الباقر قال: إنما يُبتلى المؤمنُ في الدنيا على قدْر دينه، أو قال: على حسب دينه.[1]

عن الشيخ الكليني بسندٍ إلى عبد الرحمن بن الحجاج قال: ذُكِرَ عند أبي عبد الله o البلاء وما يخص الله ! به المؤمن، فقال: سئل رسول الله Mمَن أشدُّ الناسِ بلاءً في الدنيا فقال: النبيون ثم الأمثل فالأمثل، ويبتلي المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله فمن صح إيمانه وحسن عمله اشتد بلاؤه ومن سخف إيمانه وضعف عمله قل بلاؤه[2].

وعنه عن أبي عبد الله قال: إن الله يبتلي المؤمن بكل بليّةٍ ويُميته بكل ميتة ولا يبتليه بذهاب عقله، أما ترى أيّوب كيف سلّط إبليس على ماله وعلى ولده وعلى أهله وعلى كل شيء منه ولم يُسلط على عقله، تُرك له ليُوحِّدَ اللهَ به.[3]

مقدّمة ثالثة: في معنى البلاء:
وعندما نطلقُ كلمة بلاء وابتلاء فهي أعم، تشمل حالات السقم أو الصحّة، الفقر أو الغِنى، الحب والبغض والكراهيّة، وكذلك فقدان الأهل والأوطان والأموال إلى آخرها من الأمور التي يبتلي بها الناس عادةً.

مقدّمة رابعة: ابتلاء المؤمن وما ورد فيه:

وقبل أن نقفَ على الأسباب نتبرّك بذكر جملة من الروايات الشريفة في ذكر بلاء المؤمن بنحوٍ مطلق:


 1- روى الشيخ الكليني بسندٍ إلى داود ابن سرحان قال: سمعت أبا عبد الله oيقول: أربع لا يخلو منهن المؤمن أو واحدة منهن، مؤمن يحسده وهو أشدَّهن عليه، ومنافق يقفو أثره، أو عدو يجاهده أو شيطان يغويه.[4]

2- عنه بسندٍ إلى محمد بن عجلان قال: كنت عند أبي عبد اللهo فشكا إليه رجل الحاجة فقال له: اصبر فإن الله سيجعل لك فرجاً، قال: ثم سكت ساعة، ثم أقبل على الرجل فقال: أخبرني عن سجن الكوفة كيف هو؟ فقال: أصلحك الله ضيق منتن وأهله بأسوء حال، قال: فإنما أنت في السجن فتريد أن تكون فيه في سعة، أما علمت أن الدنيا سجن المؤمن؟ [5] 

3- عنه بسندٍ إلى إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللهo قال: ما كان ولا يكون وليس بكائن مؤمن إلا وله جار يؤذيه ; ولو أن مؤمناً في جزيرة من جزائر البحر لأبتعث الله له من يؤذيه.[6] 

4- عنه بسندٍ مرسل عن أبي عبد الله أنه قال: إنما المؤمن بمنزلة كفّة الميزان، كلما زيد في إيمانه زيدَ في بلائه.[7] 

5- ما ورد في حصول الأجر والثواب على البلاء والصبر عليه، ما روي عن مولانا الصادق أنّه قال: إنَّ في الجنّة منزلةٌ لا يبلغها عبدٌ إلا بالإبتلاء في جسده.[8] 

6- وعنه عن ابن أبي يعفور قال: شكوتُ إلى أبي عبد الله ما ألقى من الأوجاع –وكان مسقاماً- فقال لي: يا عبد الله، لو يعلم المؤمن ما له من الأجر في المصائب لتمنّى أنّه قُرِضَ بالمقاريض.[9]



[1] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة ابتلاء المؤمن الحديث 9.
[2] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة ابتلاء المؤمن الحديث 2.
[3] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة إبتلاء المؤمن الحديث 22.
[4] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به، الحديث 4.
[5] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به، الحديث 6.
[6] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به، الحديث 11.
[7] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة ابتلاء المؤمن الحديث 10.
[8] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة ابتلاء المؤمن الحديث 14.
[9] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة ابتلاء المؤمن الحديث  15.


الأربعاء، فبراير 09، 2011

صلاة الليل ... كيفيتها وقصص حولها


إعداد: سماحة الشيخ علي المسترشد

بسم الله الرحمن الرحيم

«وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا»[1].

من فضائل صلاة الليل:

ذكرت الروايات فضلاً كثيراً حول صلاة الليل و بركاتها, إلا أن ثوابها العظيم لا يدرك فعن الإِمام الصادق(عليه السلام): «ما مِن عمل حسن يعملهُ العبد إِلاَّ ولهُ ثواب في القرآن إِلاَّ صلاة الليل، فإِنَّ الله لم يبيّن ثوابها لعظيم خطرها عنده فقال: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربِّهم خوفاً وطمعاً (وممّا رزقناهم يُنفقون * فلا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم مِن قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون).

-         عن الإمام العسكري(ع) «ليس منّا من لم يصلّ صلاة الليل».
-         عن الإمام العسكري(ع) {إنَّ الوُصولَ إلَى اللهِ عَزَّ وجَلَّ سَفَرٌ لا يُدرَكُ إلّا بِامتِطاءِ اللَّيلِ}.
-    وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أنَّهُ(عليه السلام) قال: «قيام الليل مصحة للبدن، ومرضاة للرّب عزَّ وجلّ، وتعرّض للرحمة، وتمسك بأخلاق النّبيين»

من فوائد صلاة الليل:
1.    مطردة الداء من الأجساد.
2.    صحة للبدن.
3.    تبيّض الوجه وتحسّنه.
4.    تحسّن الخلق.
5.    تطيّب الريح.
6.    تجلب الرزق وتدرّه.
7.    تقضي الدين.
8.    تذهب بالهمّ.
9.    تجلو البصر.
10.                       تمنع من نزول العذاب.
11.                       تجلب رضا الرب.
12.                       تمسّك بأخلاق النبيين.
13.                       تعرّض لرحمة رب العالمين.
14.                       تمحي السيئات.
15.                       تذهب بما عمل من ذنب بالنهار.
16.                       شرف الرجل.
17.                       قبول التوبة.
18.                       تسر القلب.
19.                       تزين الآخرة.
20.                       تنور البيت وتجلب فيه البركة.
21.                       تطيل العمر.


كيفية صلاة الليل بشكل مبسط:

يقول سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي(دام ظله): "صلاة الليل مجموعها إحدى عشرة ركعة، تسمى ثمان ركعات، منها التي تصلّى ركعتين ركعتين بعنوان صلاة الليل، وركعتان بعدها باسم صلاة الشفع، وهي تصلى كصلاة الصبح، والركعة الأخيرة منها بركعة الوتر، ويستحب في قنوتها الإستغفار والدعاء للمؤمنين، وطلب الحاجات من اللَّه المنان، بالترتيب المذكور في كتب الأدعية.

توضيح الصلاة:

·   وقتها: من منتصف الليل إلى ما قبل صلاة الصبح. لكن يمكن تقديمها على نصف الليل لكل من يخاف فوتها في وقتها لمانع. كما أن قضاء صلاة الليل بالنهار لذوي الأعذار أفضل من تقديمها على وقتها، إذا دار الأمر بين القضاء والتقديم.
·       النية: أصلي نافلة الليل قربة إلى الله تعالى.
·   الركعات: 11 ركعة. 8 ركعات تصليها بنية نافلة الليل، تصليها ركعتان تتلوها ركعتان، وتقرأ التشهد خلف كل ركعتان، وركعتان تصليها بنية الشفع وتقرأ التشهد بعدها وركعة الوتر.

إنّ صلاة الليل تتكون مِن(11) ركعة، وهي مقسمة إِلى ثلاثة أقسام هي:
1ـ أربع صلوات ، كل صلاة من رُكعتين(مثل صلاة الفجر)، يكون مجموعها ثماني(8) رُكعات وتسمّى بـ (نافلة الليل).

2 ـ صلاة واحدة من ركعتين(مثل صلاة الفجر)، وتسمّى بـ(الشفع).

3 ـ صلاة واحدة من ركعة واحدة، وتسمّى بـ(الوتر).
·   يستحب أن يقرأ فيها الحمد مرة واحدة, و التوحيد(قل هو الله أحد) 3مرات, و المعوذتين(الفلق و الناس) مرة واحدة.
·       ثم يقنت فيها و يستحب في القنوت:
1.    الاستغفار لـ 40 مؤمن و مؤمنة أحياءاً أو أمواتاً.
2.    الاستغفار70 مرة.
3.    قول (العفو- العفو..) 300مرة.

صلاة الليل بشكل تفصيلي:

السبت، فبراير 05، 2011

لماذا رفض عليٌّ تنصيب عمّه العبّاس ؟!



بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني

ذكر بعضُ المؤرّخين أنَّ العبّاس بن عبد المطّلب قال لعليّ o: أُمدد يدك أبايعكَ يبايعك النّاس (1)، ويُذكر أنّ هذه الكلمة قالها لمّا كانوا يُغسّلون النّبيّ الأكرم K، وقبل حصول البيعة لأبي بكر في سقيفة بني ساعدة، ولكنّ أمير المؤمنين o رفض هذه البيعة.

فقد يقولُ قائلٌ بأنَّ أمير المؤمنين o غيرُ مصيب في رأيه، ولو أنّه رضي بتنصيب عمّه العبّاس لكفى المسلمين من النزاع في تنصيب الخليفة، لكنّنا نقولُ: بأنّ أمير المؤمنين o هو المحقُّ، لما سنبيّنه في هذا المختصر.
وفي نقلٍ ثانٍ: " يا ابن أخي هلُمَّ لأبايعكَ فلا يختلف عليك اثنان " (2).

و رواية ثالثة : أنّ العبّاس عاتب عليّاً بعد ذلك وقال له: "فلمّا قُبِضَ رسولُ الله K أتانا أبو سُفيان بن حرب تلك الساعة فدعوناك إلى أن نبايعك، وقلتُ لك: أُبسط يدك أبايعك ويبايعك هذا الشيخ، فإنّا إن بايعناك لم يختلف عليك أحدٌ من بني عبد مناف، وإن بايعك بنو عبد مناف لم يختلف عليك قُرشي، وإذا بايعتك قُريش لم يختلف عليك أحدٌ من العرب، فقلتَ:  لنا بجهاز رسول الله شُغلٌ " (3).

ورواية رابعةٌ عن الطبري: " وأشرتُ عليك بعد وفاة رسول الله K أن تُعاجل بالأمر فأبيت " (4).

هذه بعض ما ذكره الأعلام بشأن هذا الموقف بين أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب وعمّه العبّاس بن عبد المطّلبp.

وقد تُثار حول هذه الحادثة العديد من التساؤلات والشُبُهات، فنذكر أمرين تباعاً:
قال البعضُ: بأن هذه الحادثة خير دليل على عدم وجود النصّ على خلافة علي ابن أبي طالبo، فلو كان النصّ موجوداً، فلا يحتاجُ الأمر إلى مبايعة العبّاس لأمير المؤمنين.

الجواب: إن هذه الحادثة لا تكشف عن فقدان النصّ على إمامة وخلافة عليo، فإنّ شأنها شأن طلب الرسول Kالبيعة من أصحابه في الحديبية، فإنّ طلب النبي Kالبيعة منهم لم تكن الغاية أخذ الاعتراف منهم بنبوّته، وإنما كان القصد أخذ العهد منهم لنصرته.

وكذلك بيعة العقبة وبيعة الشجرة، فإنّ مجرّد المبايعة بين النبي والمسلمين لا يعني ذلك بأنّ نبوّته الآن تمّت، أو أنّه الآن صار نبيّاً، فلا يقول بذلك مسلم عاقل، بل هو نبيٌّ ، سواء آمن به أهلُ السماوات والأرضين أو لم يؤمنوا به. فكذلك إمامة علي ابن أبي طالبo.

ولو كان النص على خلافة علي مفقوداً في المقام لأمكن أن يدّعيها العبّاس نفسه أو أحدٌ من أهل بيته، ولكن نجد أنّ العبّاس كان متيقّناً بأنّ بني هاشم لا يعترضون على هذه البيعة، وأنّ قُريش تُسلّم وترضى بهذه البيعة، فكأنّما الأمر مسلّمٌ لعليٍّ من دون أي منازعٍ له في ذلك.

فهذا القول باطل، ويكفي أنّ نرجع إلى النصوص الواضحة في إمامة أمير المؤمنين ، فهي كالشمس في رابعة النهار.

قولٌ آخر: لماذا رفض عليٌّ oهذه المبايعة من عمّه العبّاس أو منه وأبي سُفيان؟ فلو رضي بالبيعة لأنهى الخلاف بين المسلمين، ولا يتنازع أحدٌ في هذا الأمر أبداً !
نقول: من الذي قال بأنَّه لا يحصل أي خلافٍ أو نزاع في هذا التنصيب؟!

 لا ، لا يمكن الجزم بهذا أبداً، فإنّ المهاجرين من جهة والأنصار من جهة آخرى، تتنازع في هذا الأمر ولن يقبلوا بهذه البيعة، وسيكون الكلام فيها كما نقوله في بيعة أبي بكر، وأنّها فلتة من فلتات الجاهليّة، و لكان رأي واحدٍ من المسلمين يتحكّمُ في مصير المسلمين أجمع، وهو ما نقوله في بيعة أبي بكر بعينه، فكيف نُعيب الآخرين بشيءٍ ثم نرضى بأنفسنا أن نركب هذا العيب؟!

والأمر الآخر: لقد أوضح أمير المؤمنين o في رواية مروج الذهب بأنّه مشغولٌ بجنازة رسول الله Kوتجهيزه، ولا يليق بشأنه أن ينشغل بأمر الخلافة والإمامة والمنازعة فيها من فلانٍ وفلان.

و كذلك يرفض أمير المؤمنينoأن تنعقد له البيعة في البيت بمبادرة جماعة من أهله دون أن يكون ذلك في ملأ من المسلمين وبرضى عامّتهم، وفي نقلٍ قد قال إلى عمّه: فإنّي لا أحبُّ هذا الأمر من وراء رتاج، وإنما أُريدُ أن اصْحرَ به. أي يكون على الملأ العام.

فكما أنّهم قد بايعوه بإمرة المؤمنين في غدير خم، وكانوا على مسمعٍ ومرئى فكذلك اليوم.


(1) الطبقات الكبرى لابن سعد: ج2 ص38.
(2) مُروج الذهب: ج2 ص 200، وتاريخ الذهبي: ج1 ص 329، وفي الإمامة والسياسة لابن قُتيبة: ج1 ص4: ( أبسط يدك أبايعك فيقال: عمُّ رسول الله بايع ابن عم رسول الله، ويبايعك أهل بيتك، فإن هذا الأمر إذا كان لا يُقَلْ ).
(3) رواها ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج1 ص 131 عن كتاب (السقيفة).
(4) تاريخ الطبري: ج3 ص 294، والعقد الفريد: ج3 ص74.

الثلاثاء، فبراير 01، 2011

ما هي التربة التي يسجدُ عليها الشيعة؟


بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني


بعد واقعة الطف، والفاجعة الأليمة التي جرت على أهل البيت q من قتل الرجال وسبي النساء وضرب الأطفال، وما جرى عليهم في كربلاء وما بعد كربلاء، وبعد أن وصل الإمام زين العابدينo إلى كربلاء، في يوم العشرين من صفر لعام 61 هـ ، زار الإمام زين العابدينo ومن معه قبر الإمام الحسين الشهيدo، وتذكّروا فجيعة يوم عاشوراء وما حدث لهم فيها، وحينما أرادوا الرجوع إلى مدينة جدّهم رسول الله K، أخذ الإمام زين العابدين oمن تراب ذلك القبر الشريف، وأخذ يتبّرك به ويستشفي به، واتخذه بعد ذلك تراباً للصلاة عليه، فكان يضعه في صرّة ويفترشه للصلاة. وبعد ذلك اتخذ أهل البيتq وشيعتهم تربة قبر الإمام الحسين oللصلاة عليها والاستشفاء بها.

فكما نقل الحافظ ابن شهر آشوب في كتابه المناقب قال: كانت له –أي للإمام علي ابن الحسينo-خريطة فيها تربة الحسينo، إذا قام في الصلاة تغيّر لونه، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يرفض عرقاً.

ولمّا جاء دور الإمام الباقر والصادق p ومع الفُسحة النوعيّة في أيامه، روى الكثير من الروايات في فضل تربة الإمام الحسين الشهيد o، ونجد أنّ النصوص الواردة في الفضل والثواب مبتدأ منهما.

ونقفُ عند بعضٍ منها:
1-           روى الشيخ الطوسي في كتابه مصباح المتهجّد عن معاوية بن عمّار، قال: كان لأبي عبد الله o– يعني الصادق- خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله الحسين o، فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على السجادة وسجد عليه، ثم قال: إن السجود على تربة أبي عبد الله oيخرق الحُجب السبع.
2-           وعن الحسن بن محمّد الديلميفي كتابه إرشاد القلوب، قال: كان الصادق oلا يسجد إلا على تربة الحسين oتذلّلاً لله واستكانةً له.
3-           وعن الشيخ الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه، قال: قال الصادق o:السجود على طين قبر الحسين oينوّر الأرضين السبع.

أما ما ورد في الترغيب في اتخاذ المسابح من طين قبر الإمام الحسين oفقد روي فيه أيضاً عن مولانا الصادق oما يلي:

1-           ما أورده المحدّث النوري في مستدرك الوسائل بإسناده إلى الإمام الصادق o،قال: إن فاطمة بنت رسول الله Kكان سبحتها من خيط صوف مفتّل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت تُديرها بيدها تكبّر وتسبّح،حتّى قُتل حمزة بن عبد المطّلب oفاستعملت تربته، وعملت التسابيح فاستعملها الناس، فلمّا قُتل الحسين oعُدل بالأمر إليه، فاستعملوا تربته لما فيه من الفضل والمزيّة.
2-           وعن الحسن بن محبوب في كتابه: أنّ أبا عبد الله oسئل عن استعمال التربتين من طين قبر الحمزة oوقبر الحسين oوالتفاضل بينهما، فقال: السُبحةُ من طين قبر الحسين o تُسبّح بيد الرجل من غير أن يُسبّح.
3-           وروى الشهيد الأول في كتابه الذكرى عن الإمام الصادق oأنّه قال: من كانت معه سبحة من طين قبر الحسين o كُتب مسبّحاً وإن لم يُسبّح بها.
4-           وروى الطبرسي في مكارم الأخلاق عن الإمام الصادق oقال: من أدار سبحة من تربة الحسين oمرّة واحدة بالإستغفار أو غيره، كتب الله له سبعين مرّة.


في أي زمن تم صناعة التربة –كما هي الآن-؟

ورد عن الإمام المهدي uفي توقيعٍ له من الناحية المقدّسة حيث كُتب إليه يسأله عن السجدة على لوح من طين القبر، هل فيه فضل؟ فأجاب u: يجوز ذلك وفيه الفضل.

فمن هذه المكاتبة نفهم أنّ صناعة التربة على شكل لوح كان في زمن الغيبة الصغرى للإمام المهديuأو قبله بقليل،  وأنّ السجود على التربة الحسينية قد اختفى عملاً حتّى شكّ في الجواز من عدمه، فأجاب الإمام uبالجواز.
وكذلك إثبات الفضل والثواب فيها.