الاثنين، فبراير 14، 2011

ما هي أسباب نزول الابتلاءات على المؤمن؟ العدد 2


بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني.

فصلٌ في بيان أسباب نزول البلاء:
وأما الآن فنأتي لذكر الأسباب التي من أجلها ينزل البلاء على المؤمن.

السبب الأوّل: التمحيص من الذنوب:

وهي بمعنى إزالة وتكفير الذنوب التي تكون في صحيفة أعمال المؤمن، حتى تخلو صحيفة أعماله فيكون مستحّقاً للجنّة، ولو محّصه البلاء ولا زالت الذنوب موجودة –لكثرتها مثلاً-فينزل عليه البلاء حين الموت حتّى ينقّى ويُشدّد عليه حالة النزع، ولو شُدِّد عليه ولا زالت ذنوبه موجودة، فيُنزل عليه البلاء في البرزخ حتّى ينقّى، ولو لم يُنقَّ في عالم البرزخ، عُرّض يوم القيامة لبعض الإبتلاءات والمحن، وإن لم ينفعه لكثرة ذنوبه ادخله الله أعلى طبقة من طبقات النار حتّى ينقى ويطهر من دنس الذنب والخطأ والمعصية، وهكذا حتّى تزول جميع ذنوبه ويكون مستحقّاً لدخول جنّة الخُلد.




عن عبد الله بن سنان قال: سمعتُ معتباً يُحدّثُ أنَّ إسماعيل بن أبي عبد الله o حمَّ حمّى شديدة، فأعلموا أبا عبد الله o بحمّاه فقال لي: إئته فاسأله: أيَّ شيءٍ عملت اليوم من سوء فجعل الله عليك العقوبة؟ قال: فأتيته فإذا هو موعوك فسألته عمّا عمل، فسكت.
وقيل لي: إنه ضرب بنت زلفى اليوم بيده فوقعت على دراعة الباب فعقر وجهها، فأتيتُ أبا عبد الله o فأخبرته بما قالوا، فقال: الحمد لله، إنّا أهل البيت يُعجّل الله لأولادنا العقوبة في الدنيا، ثم دعا بالجارية، فقال: إجعلي إسماعيل في حلٍّ ممّا ضربكِ، فقالت: هو في حلّ.
فوهب لها أبو عبد الله o شيئاً، ثم قال لي: اذهب فانظر ما حاله، قال: فأتيته وقد تركته الحمّى.
عن أبي بصير عن الإمام الصادق o قال: قال أمير المؤمنين o: توقُّوا الذنوب، فما من بليّةٍ ولا نقص رزق إلا بذنب؛ حتّى الخدش والنكبة والمصيبة، فإن الله تعالى يقول: وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير [1].

عن أمير المؤمنين o أنه قال: ما من شيعتنا أحدٌ يُقارف أمراً نهيناه عنه فيموت حتى يُبتلى ببليّةٍ تُمحّص بها ذنوبه، إمّا في مال أو ولد أو في نفسه، حتّى يلقى الله مخبتاً وما له من ذنب، وأنّه ليبقى عليه شيء من ذنوبه فيُشدّد عليه عند موته فيُمحّص ذنوبه.
وعن حمران بن أعين، عن أبي جعفر الباقر o  قال: إنَّ الله إذا كان من أمره أن يُكرم عبداً وله ذنبٌ ابتلاه بالسقم، فإن لم يفعل ذلك ابتلاه بالحاجة، فإن لم يفعل ذلك شدّد عليه الموت ليُكافئه بذلك الذنب، وإذا كان من أمره أن يُهين عبداً وله عنده حسنة صحّح بدنه، فإن لم يفعل ذلك به وسّع له في معاشه، فإن لم يفعل هوّن عليه الموت ليُكافئه بتلك الحسنة.

عن منصور بن معاوية عن أبي عبد الله الصادق o قال: " قال رسول الله M: قال الله *: ما من عبدٍ أريدُ أن أدخله الجنة إلا ابتليته في جسده، فإن كان ذلك كفّارة لذنوبه وإلا سلّطتُ عليه سلطاناً، فإن كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا ضيّقتُ عليه في رزقه، فإن كان ذلك كفّارة لذنوبه وإلا شدّدتُ عليه عند الموت، حتّى يأتيني ولا ذنب له ثم ادخله الجنّة...".

عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد الله الصادق o يقول: قال الله *: إن العبد المؤمن من عبادي ليُذنب الذنب العظيم ممّا يستوجب به عقوبتي في الدنيا والآخرة، فأنظر له فيما فيه صلاحه في آخرته، فأعجّل له العقوبة في الدنيا لأجازيه بذلك الذنب.



[1] سورة  الشورى الآية 30 . عن كتاب التمحيص / محمّد بن همّام الإسكافي ص 38.

ليست هناك تعليقات: