الأحد، يناير 30، 2011

" بحراني " الكلمة الأصيلة وتأصيل الكلمة




في هذه المقالة أود أن أتطرّق إلى مفردة من مفردات اللغة العربية ، وهي مفردة بحراني...




وما هو الفرق بين كلمة بحريني وبحراني؟

فالبحث يقع في مقامين:

المقام الأول: ليعلم الجميع بأن سكان البحرين الأصليون هم من شيعة علي ابن أبي طالب (عليه السلام)، وهذا الأمر لا يشك فيه إلا من في قلبه مرض، ويريد أن يُغطي نور الشمس بمنخل... 




ولا بأس أن أذكر كلمة ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان) المتوفي في عام القرن الثامن الهجري عندما وصل إلى بلدة عمان فقال:



"عُمَان: بضم أوله وتخفيف ثانيه وآخره نون...وأكثر أهلها في أيامنا خوارج أباضية ليس بها من غير هذا المذهب إلا طارىء غريب وهم لا يخفون ذلك وأهل البحرين بالقرب منهم بضدهم، كلهم روافض سبائيون لا يكتمونه ولا يتحاشون وليس عندهم من يخالف هذا المذهب إلا أن يكون غريباً ".


فهذه شهادة من ضمن العشرات من الشهادات التي تؤكّد على تشيّع هذه البلدة الطاهرة، ومن بداية دخول الإسلام فيها.


المقام الثاني: إن لكل منطقة نسبة معينة تحددها العرب سابقاً، فمثلاً: يُقال النبي المكي المدني. وهي نسبة إلى مكة والمدينة. زادهما الله شرفا ، وكذلك الكربلائي نسبة إلى كربلاء المقدسة. 
فما هي النسبة الصحيحة لأهل البحرين؟؟؟ هل هي بحريني أم بحراني؟

أود من الأخوة المؤمنين أن يفتحوا أي معجم لغوي أو كتاب قاموس في اللغة العربية ، ليرى ماذا يقولون أهل اللغة.

فمثلاً: تصفحتُ كتاب لسان العرب لابن منظور ( وهو عالم سني قديم ، ولد عام 630 سنة والمتوفي في عام 711 أي ما يُقارب قبل 800 سنة بالضبط من ولادته). فيقول في كتابه:
والبَحْرانِ: موضع بين البصرة وعُمانَ، النسب إِليه بَحْريٌّ وبَحْرانيٌّ ؛ قال اليزيدي: كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه النسبةَ إِلى البَحْرِ؛ الليث: رجل بَحْرانيٌّ منسوب إِلى البَحْرَينِ؛ قال: وهو موضع بين البصرة وعُمان؛ ويقال: هذه البَحْرَينُ وانتهينا إِلى البَحْرَينِ. وروي عن أَبي محمد اليزيدي قال: سأَلني المهدي وسأَل الكسائي عن النسبة إِلى البحرين وإِلى حِصْنَينِ: لِمَ قالوا حِصْنِيٌّ وبَحْرانيٌّ؟

فقال الكسائي: كرهوا أَن يقولوا حِصْنائِيٌّ لاجتماع النونين، قال وقلت أَنا: كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه النسبة إِلى البحر؛ قال الأَزهري: وإِنما ثنوا البَحْرَ لأَنَّ في ناحية قراها بُحَيرَةً على باب الأَحساء وقرى هجر، بينها وبين البحر الأَخضر عشرة فراسخ، وقُدِّرَت البُحَيرَةُ ثلاثةَ أَميال في مثلها ولا يغيض ماؤُها، وماؤُها راكد زُعاقٌ...

ونقل كلام الخليل بن أحمد الفراهيدي ( العالم اللغوي المعروف المتوفي في عام 157 هجرية ) عن كتابه العين (وهو أوّل كتاب لغوي كُتب ويُعتبر من أهم الكتب العربية اللغوية الأساسية) فيقول:

لقول الخليل في هذه المسأَلة أَعني مسأَلة النسب إِلى البحرين، كأَنهم بنوا البحر على بحران، وإِنما أَراد لفظ البحرين، أَلا تراه يقول في كتاب العين: تقول بحراني في النسب إِلى البحرين، ولم يذكر النسب إِلى البحر أَصلاً، للعلم به وأَنه على قياس جار. قال: وفي الغريب المصنف عن الزيدي أَنه قال: إِنما قالوا بَحْرانيٌّ في النسب إِلى البَحْرَيْنِ، ولم يقولوا بَحْرِيٌّ ليفرقوا بينه وبين النسب إلى البحر.

ما نقله الفيروز آبادي في معجمه " القاموس المحيط":

" والبَحْرَيْنُ: والنِّسْبَةُ: بَحْرِيٌّ وبَحْرانِيٌّ، أو كُرِهَ بَحْرِيٌّ لِئَلاَّ يَشْتَبِهَ بالمَنْسوبِ إلى البَحْرِ.
ومحمدُ بنُ المُعْتَمِرِ، والعبَّاسُ بنُ يَزيدَ البَحْرانِيانِ: محدِّثانِ ".

ما نقله صاحب "مقاييس اللغة " لابن فارس (المتوفي في عام 395 هجرية):
" وقال الخليل: رجُل بَحْرَانيّ منسوبٌ إلى البَحْرَيْن، وقالوا بحرانيٌّ فرقاً بينه وبين المنسوب إلى البحر".

فهذا معجم واحد من معاجم أهل السنة تقول بأن النسب إلى أهل البحرين هي بحراني، فمن أين أتت كلمة بحريني ؟!

يقول بعض العلماء، بأن السلطة الحاكمة لما اغتصبوا البحرين وعاثوا فيها فساداً، وكانوا غرباء عن البلد، فأخذ الناس يميزون بين السكان الاصليين وبين الوافدين من صحراء نجد... فأستعملوا كلمة بحراني لكل من كان ينتسب إلى أرض البحرين وكلمة عربي أو العرب إلى الوافدين من صحراء نجد (وهم العائلة الحاكمة والعبيد الذين أتوا بهم لخدمتهم)... ولما أحسوا بالحرج الشديد وهذا التميز بينهم وبين السكان الأصليين... حاولوا أن يوجدوا لهم مصطلح حتى ينتسبوا إليه، وفي الفترة ما قبل 70 عام تقريبا أخذت تنتشر كلمة بحريني في مقابل بحراني... 

ولكن كلمة بحريني غير صحيحة من ناحية لغوية عربية .. لأننا كما نقلنا كلام ابن منظور والخليل بن أحمد الفراهيدي أن أصل بحراني مشتقة من بحران وليست من بحرين...
موقفنا تجاه الكلمة:
فإننا نفتخر أننا بحرانييون لا بحرينيون ... ويجب علينا أن لا نتنازل عن هذه النسبة أبداً مهما جرى علينا من ظلم واضطهاد لأهل البحرين الأوفياء...
ويجب علينا أن نعلم أبناءنا ونربيهم على المعلومات الصحيحة . لا المعلومات الخاطئة التي يتعلمونها في المدارس الحكومية...
وكذلك نوصل كلمتنا إلى جميع الجهات الرسمية والصحفية والعالمية، بأن الكلمة الصحيحة لمن ينتسب إلى البحرين هي البحراني.

السبت، يناير 29، 2011

التعاون على فعل الخير

 بقلم سماحة الشيخ علي المسترشد.


في كثير من الأحيان لا يتمكن الإنسان من عمل الخير لكنه يتمكن من الإعانة على عمل الخير، كأن يكون مثلاً غير قادر على الجهاد في سبيل الله تعالى، لكنه يمكنه في كثير من الأحيان أن يساعد المجاهدين بشكل أو بآخر (على الأقل بالدعاء) فيكون بشكلٍ ما شريكاً لهم في عملهم الصالح.

وذلك الحال بالنسبة لأعمال البر والإحسان، التي منها الصدقة، فإن أهل البيت (عليهم السلام) حثوا وشجعوا أتباعهم والمسلمين على المشاركة في الإعانة على دفع الصدقات وإيصالها لأهلها، ولهم من الثواب الشيء العظيم من غير أن ينقصَ في ثواب المُتَصدِق شيئاً.

§   فعن أبي عبد الله (عليه السلام): (لو جرى المعروف على ثمانين كفا لأُوجِروا كلهم، من غير أن ينقص صاحبه من أجره شيئاً )[1.

§   وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال في خطبة له: ومن تصدق بصدقة (عن رجل إلى مسكين)[2] كان له مثل أجره، ولو تداولها أربعون ألف إنسان ثم وصلت إلى المسكين كان لهم أجر كامل، وما عند الله خير وأبقى للذين اتقوا وأحسنوا لو كنتم تعلمون.

§   وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: المعطون ثلاثة: الله رب العالمين، وصاحب المال، والذي يجري على يديه[3].

وعلى هذا الأساس فمن المهم للمؤمن الحريص على أمر آخرته أن يسعى لخدمة المؤمنين المحتاجين، فيمكنه مثلاً:

-         أن يساهم في إيصال الصدقات مباشرة للمحتاج.
-         أو إعلام المؤمنين العاملين على إيصال الصدقات عن وجود المحتاج الفلاني. (التعاون مع الصناديق الخيرية).
-         أو التعاون في جمع الصدقات.
-         أو إعلام أحد الأغنياء عن بعض الفقراء..

وغيرها من الطرق والأمور التي قد يشارك فيها المؤمن في إيصال الصدقة بشكل أو بآخر.
ولهذا الفعل أثره العظيم على تلاحم المجتمع وبث الروح الإيمانية والأخلاقية بين أفراده، بالإضافة للثواب العظيم، فهناك عناوين أخرى من الثواب قد تدخل في هذا الموضوع (إعانة مؤمن – إدخال السرور على مؤمن – قضاء حاجة الإخوان – الأمر بالمعروف).



[1]  الكافي 4 : 17 | 2. وروي أيضاً في ثواب الأعمال : 170 | 14.
[2]  في نسخة: على رجل مسكين (هامش المخطوط).
[3]  الخصال: 134 | 146.

الجمعة، يناير 28، 2011

هل سجد النبي (ص) على التراب ؟! (1)


مقدّمة:

كثيرةٌ هي الأمور التي ينشرها المخالفون لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ويُريدون منها تشويه صورة المذهب ،وقد حاولوا تصوير المذهب الشيعي بكل الوسائل والطرق، ممّا دعاهم إلى التدليس والكذب وقول الزور من أجل الإنتصار لمذهبٍ على مذهب، وقد اعتاد أئمة المذهب الشيعي وفقهاءهم الرد بكل ما يتقوّله المخالف عليهم، والإستدلال على ما نذهبُ إليه من خلال كتب المخالفين لنا، حتّى تكونَ الحُجّة أبلغ، من الإقتصار على كتبنا فقط.
وفي هذه المرّة نتناول مسألة جزئية من مسائل الصلاة وما يصحّ السجود عليه، حيث أنّ المخالف يُشنّعُ على أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) أنّهم يخصّصون سجودهم على التربة الحسينيّة أو الحصير وما شابه ذلك، في هذه الحلقة نوضّح بعض المسائل ونتبعها في حلقة ثانية إن شاء الله.

ما يصح السجود عليه في الصلاة:

ورد عن النبي الأكرم K أنّه قال: "  جُعلتْ لي الأرضُ مسجداً وطهوراً" [1]، وهي رواية متفق عليها بين السنة والشيعة.

ونستفيد من هذه الرواية أن الأرض هي محلٌّ السجود، والسجود هو وضع الجبهة على الأرض تعظيماً لله تعالى وخضوعاً له. وأيضاً يمكننا التطهير بالأرض وهو التيمّم. وهذه من مختصات الشريعة الإسلاميّة، فإن الأديان السماوية الآخرى لم يُشرع لهم الصلاة في أي مكان، بل لا تكون الصلاةُ إلا في الكنائس والبِيع ودور العبادة الخاصة بهم، أما الشريعة الإسلاميّة فأينما أدركتك الصلاة يمكنك القيام بها.
ومن كلمة (الأرض) يعني به التراب والرمل والحجر والحصى ...

من روايات أهل السنّة والجماعة ما ورد:

1-           عن خالد الجهني قال: رأى النبي صهيباً يسجد كأنّه يتقي التراب فقال له النبي K: " تـرّب وجهك يا صهيب ". (كنز العمال 4 / 100 الرقم 2129).

2-           قال رسول الله K لمعاذ : " عفّر وجهك في التراب ". (ارشاد الساري 1 / 405).

3-           قال رسول الله Kلأبي ذر : " الأرض لك مسجد فحيثما أدركت الصلاة فصلّ ". )سنن النسائي 2 / 32).

4-              قال رسول الله K : " إذا سجدت فمكّن جبهتك وانفك من الأرض ". (أحكام القرآن / الجصّاص 3 / 209).

5-           عن جابر بن عبد الله الانصاري قال : (كنّا) كنت أصلي مع رسول الله K الظهر فآخذ قبضة من حصى في كفّي لتبرد حتى أسجد عليها من شدّة الحر
تخريج الحديث:
مسند أحمد بن حنبل/ الحديث 14097.
مسند أحمد بن حنبل/ الحديث 14098.
سنن ابن داوود الحديث 399.

ومن هذه الرواية نفهم بأنّه لو كان السجود على الفرش جائزاً، لكان أولى من تبريد الحصى للسجود عليها، مع ملاحظة أن الفرش في ذلك الزمان كان موجوداً، فلا يقول قائل بأنه لم يكن متوفر كما هو الآن!

أما الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت q فهي كثيرة جداً، نذكر منها ما يلي:

1-           قال الإمام الصادق o: " لا تسجد إلاّ على الأرض أو ما انبتت الأرض إلاّ القطن والكتّان ".

نهى الإمام عن السجود إلا على الأرض أو ما نبت من الأرض، وبعد ذلك استثنى القطن والكتّان باعتبار أن القُطن فهو من النباتات ويدخل في الكثير من الألبسة ، وهو منهيٌّ عنه في نصوص آخرى كما سيأتي.

وأمّا الكتّان [2] الذي يستفيدوا منه في الملابس فهو يرجع أصله إلى بذرة الكتّان، فهو ممّا أنبتته الأرض، فلا يصح السجود عليه.

2-           قال الإمام الصادق o: " السجود على الأرض فريضة وعلى الخمرة سنّة ".
معنى الحديث: أنّ الله * قد افترض على عباده في السجود أن يكون على الأرض، وأمّا الخُمْرَة فهي سنّة وهي من فعل النبي الأكرم K، والمُراد من الخمرة –كما عن ابن منظور في لسان العرب-قال:

" و الخُمرة: حصيرة أَو سَجَّادَةٌ صغيرة تنسج من سَعَفِ النخل وتُرَمَّلُ بالخيوط، وقيل: حصيرة أَصغر من المُصَلَّى، وقيل: الخُمرة: الحصير الصغير الذي يسجد عليه.

وفي الحديث: أَن النبيSكان يسجد على الخُمرة: وهو حصير صغير قدر ما يسجد عليه ينسج من السَّعَفِ؛ قال الزجاج: سميت خُمْرة لأَنها تستر الوجه من الأَرض.

وفي حديث أُم سلمة قال لها وهي حائض: ناوليني الخُمرة ؛ وهي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير أَو نسيجة خوص ونحوه من النبات؛ قال: ولا تكون خمرة إِلاَّ في هذا المقدار، وسميت خمرة لأَن خيوطها مستورة بسعفها...". انتهى كلام ابن منظور.

ونعلمُ بأنّ السعف من النباتات ولكنّه ليس من الملبوس ولا المأكول، فيصحُّ السجودُ عليه، وفي نقل ابن منظور لبعض الشواهد يتبيّن أن النبي الأكرم K كان يسجدُ على الحصير وما شابه ذلك، وأنّ فعله حجّة على جميع المسلمين، وكما وضّحنا سابقاً أن الفرش والنسيج كان متداولاً في تلك الأزمان وليست بجديدة ومستحدثة حتى يُقال: بأنّ هذا خاص بزمن النبي الأكرم K.
3-           قال الإمام الصادق o: " السجود على ما انبتت الارض إلاّ ما أكل أو لبس".

فعل الرسول حجّة:

إن فعل الرسول الأكرم K حجّة، ويجب الإقتداء به، لأنّه صاحب الشريعة والممثّل لها، وقد اتضح بأنّ فعل النبي الأكرم K كان السجودُ على الأرض أو الخُمرة. فينتج عندنا وجوب السجود على هذه الأمور فقط، وأمّا غيرها فيحتاجُ إلى دليل ينصّ عليه، ويكون هذا الدليل لا يتعارض مع هذه النصوص.

العلّة في السجود:

عن هشام بن الحكم أنّه قال لأبي عبد الله o: أخبرني عمّا يجوز السجود عليه وعمّا لا يجوز ، قال:
(السجود لا يجوز إلاّ على الأرض أو على ما أنبتت الأرض ، إلاّ ما أُكل أو لُبس) ، فقال له : جعلت فداك -ما العلّة في ذلك؟
قال : (لأنّ السجود خضوع لله ! فلا ينبغي أن يكون على ما يؤكل ويلبس ، لأنّ أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون ، والساجد في سجوده في عبادة الله !، فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغترّوا بغرورها) [3].
حديث آخر: عن الإمام الصادق o قال : (وكلّ شيء يكون غذاء الإنسان في مطعمه أو مشربه أو ملبسه، فلا تجوز الصلاة عليه ولا السجود إلاّ ما كان من نبات الأرض من غير ثمر ، قبل أن يصير مغزولاً ، فإذا صار غزلاً فلا تجوز الصلاة عليه إلاّ في حال ضرورة).


من مصادر الشيعة الإمامية: (الكافي / الكليني ج2 كتاب الايمان ـ باب الشرايع ح1 ص17 ، من لا يحضره الفقيه / الصدوق 1 / 231).
[2] يمكنكم الرجوع إلى الموسوعة الحرة ويكيبيديا لمعرفة المزيد عن هذه النبتة: http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D9%86
[3] وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي: ج 5 ص 343 من باب لا يجوز السجود بالجبهة إلاّ على الارض أو ما أنبتت غير مأكول ولا ملبوس.

الأربعاء، يناير 26، 2011

كيف أتخلص من الخيالات والأفكار الجنسية؟

بقلم: سماحة الشيخ علي المسترشد.
في بعض الأحيان قد يُلقي الشيطان في ذهن الشباب أفكاراً وخيالات جنسية مثيرة، وبعض الشباب قد يحاول الاستمتاع والالتذاذ بهذه الأفكار الجنسية، معتقداً بأنها مجرد أفكر وخيالات لا تتطور!
لكنها في الحقيقة لن تتوقف أبداً عند حد التفكير! بل ستجره شيئاً فشيئاً للوقوع في المعاصي والذنوب، وتلوث قلبه وفكره، وقد روي عن أمير المؤمنين(عليه السلام): «من كثر فكره في المعاصي دعته إليها»[1].
وروي عنه(عليه السلام): «مَن كَثُر فكرُه في اللذّات غَلَبت عليه»[2].
"فإن التفكير المستمر في هذا المجال قد يُحول الإنسان إلى موجود شهوي، فيغلب على تفكيره الجانب الجنسي، وهذا بدورة مقدمة أيضاً لتأجج نار الشهوة في الباطن بحيث قد تسوق الأعضاء إلى المعصية.. في آخر المطاف، فإن التفكير المستمر في جهة معينة قد يوجب تحول جانب من المخ بما يلائم التوجسات الشهوية.. ويتجاوز الأمر من مجرد التفكير إلى زيادة الهرمونات الجنسية التي تؤثر على سلامة كل أجهزة الجسم الفعالة في هذا المجال"[3].
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ..

نشأة التشيّع (2)


المحور الثاني: تحديد زمن نشوء التشيّع.

   اختلفتْ وجهات نظر علماء السنة والمستشرقين في تحديد زمن نشوء التشيّع والشيعة، وتعدّدتْ الآراء إلى أقوالٍ كثيرة أهمّها خمسة أقوال، وهي:

القول الأول: أنّ ظهور التشيّع كان بعد واقعة الطف، حيثُ يعتقد أتباع هذا الرأي أن بوادر التشيّع كانت موجودة قبل واقعة الطف ولكنها لم تصلْ إلى حدّ تكوين مذهب متميّز له طابعه وخواصه، وإنما حدث ذلك بعد واقعة الطف، وكان سبب نشؤه ردةّ الفعل من مقتل الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه، ممّا أثار سخطاً على بني أميّة ورفض لحكومتها، ومنها خرجوا للطلب بثأر الإمام الحسين (عليه السلام) وهي حملة التوّابين التي قادها المختار بن يوسف الثقفي،  وهو قول أكثر المستشرقين وأغلب المحدّثين من الكُتّاب.

القول الثاني: أن التشيّع ظهر في زمن حكومة أمير المؤمنين (عليه السلام) وخلافته، حيثُ أن الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) قد تسلّم الخلافة والإمامة وبها صار إماماً على المسلمين، ومن هنا نشأ التشيع لعلي ابن أبي طالب (عليه السلام). وهو رأي النوبختي في كتابه فرق الشيعة وابن النديم في الفهرست.

القول الثالث: وهو يذهب إلى أنَّ التشيّع نشأ أيام عثمان بن عفّان ومن آرائهم أن مؤسّس الشيعة هو عبدالله بن سبأ اليهودي، حينما تولّى عثمان خلافة المسلمين، وجاء ببني أبيه في السلطة آنذاك،  وأبعد الصحابة المؤمنين ولم يولّهم شيئاً من أمور المسلمين، بل اعتمدَ على بني أميّة في أمور المسلمين، وغيرها من الأمور التي أحدثها عثمان في حكومته، مما سبّب ردةّ فعل من قبل كبار الصحابة على عثمان وحاصروه لمدة أربعين يوماً في داره، ومنعوا عنه الماء، وغيرها من الأحداث التي جرت وهي مدوّنة في أمهات كتب التاريخ. ويزعم أصحاب هذا القول بأن إثارة المسلمين والصحابة على عثمان كان بتخطيط من عبدالله بن سبأ وبتحريض منه، وهو (أي عبدالله بن سبأ) كان يدعو إلى خلع عثمان وتولية الإمام علي ابن أبي طالب بدلاً عنه. ومن القائلين بهذا الرأي ابن حزم وجماعة آخرون، وسار على هذا الرأي النهج الأموي وأتباعهم.

القول الرابع: وهو يذهب إلى أنّ التشيّع نشأ بعد وفاة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، عندما اختلف المسلمون في الخليفة وانقسمتْ الأمة الإسلامية إلى فريقين شيعة وسُنّة.
إليك بعض كلمات علماء أهل السنة حول هذا الرأي:

1. ابن خلدون في تاريخه: " إنَّ الشيعة ظهرتْ لما توفي الرسول وكان أهل البيت يرون أنفسهم أحق بالأمر وأنَّ الخلافة لرجالهم دون سواهم من قريش، ولما كان جماعة من الصحابة يتشيّعون لعليّ ويرون استحقاقه على غيره ، ولمّا عُدل به إلى سواه تأفّفوا من ذلك".
المصدر: تاريخ ابن خلدون: ج3 ص364.

2. اليعقوبي في تاريخه: " ويُعد جماعة من المتخلّفين عن بيعة أبي بكر هم النواة الأولى للتشيّع ومن أشهرهم سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود والعباس بن عبدالمطلب".
المصدر: تاريخ اليعقوبي: ج2 ص104.
3. الدكتور أحمد أمين: " وكانت البذرة الأولى للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي أن أهل بيته أولى الناس بأن يخلفوه".
المصدر: فجر الإسلام: ص266.

القول الخامس: وهو يقول بأن الشيعة كانتْ من  زمن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وهو من بذر بذرة التشيّع.

الرأي الصحيح:

 ولكن الرأي الصحيح من هذه الآراء هو:
أن التشيّع نشأ من زمن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والنبي الأكرم هو من أسّسَ لهذا المنهج، ولابد من إقامة الدليل على هذه الدعوى، وكما أن أصحاب الأقوال الأربعة لابد أن يقدّموا الدليل على دعواهم هذي.

ومن المهم الإلتفات إلى أمرٍ مهم في مناقشة الأقوال السابقة، وهي أن هناك فرقٌ بين انتشار التشيّع و تأصيل معتقدات الشيعة وبين أصل نشوء الشيعة ، ففي بعض الأقوال تذكر بأن زمن نشوء الشيعة كان في زمن الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) –لم نذكر هذا القول في ضمن الأقوال الخمسة-ولكن الصحيح أن معتقدات المذهب الشيعي قد تأصّلت بشكلٍ أوضح وتوسّعت دائرة العقيدة عندهم في هذا الزمن، وهذا لا ينفي وجودهم في مرتبة متقدّمة على زمن الإمام الصادق (عليه السلام).

الاثنين، يناير 24، 2011

رحيل العلامة العمري (رحمه الله)


فجعت المدينة المنورة والعالم الاسلامي قاطبة برحيل 
حجة الاسلام والمسلمين الشيخ محمد علي العمري إلى الرفيق الاعلى 
عن عمر يناهز الـ 100 عام قضاها في خدمة الدين




السيرة الذاتية لفضيلة الشيخ العلامة محمد علي بن أحمد العمري 

نبذ عن حياته (رحمه الله):

ولد فضيلة العلامة الشيخ محمد بن علي العمري في المدينة المنورة عام 1332 هجري، وبعد أن كبر وبلغ السادسة عشر من عمره اصطحبه أبوه العلامة الجليل الشيخ علي بن أحمد العمري معه إلى الحوزة العلمية بالنجف الأشرف.

فظل ينهل من مناهل علم أهل البيت (عليهم السلام) حتى حل له البريد المشئوم نبأ وفاة والده، فعاد إلى المدينة المنوّرة ليتلقى التعازي والمواساة في الفقيد العظيم.

وفي عودته إلى نجف الأشرف صحب معه والدته براً بها وحسن حظه أنه عندما أصيب بمرض الجدري، وكان مرضاً خطيراً، كانت أمه (رحمها الله) بجواره تمرّضه وتحنو عليه حتى تجاوز من مرحلة الخطر، فواصل تلقي العلم، وفي تلك الفترة التي بلغت 20 عاماً عاشها في رعاية العلماء والمدرسين الأجلاء وفاء للعهد مع والده فأكرم لمكانة العلمية.

درس المقدمات والسطوح ثم واصل دراسته , وكان يمارس النشاط التجاري في فترات التعطيل، فكان يشتغل بتجارة الأحجار الكريمة متنقلاً بين العواصم العربية والإسلامية.

والده الشيخ علي بن أحمد بن محمد العمري..

نسبه:
هو آية آلله الشيخ علي بن أحمد بن محمد بن علي العمري ( رحمه الله) علم من أعلام المدينة المنورة، هو الفقيه الفاضل والعالم الزاهد والمجاهد الصابر، طويل القامة، أسمر البشرة، خفيف العارضين.

وممّا يُذكر بأن هذه العائلة الشريفة تنتهي إلى النائب الأوّل للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) عثمان بن سعيد العمري (رحمه الله) وابنه النائب الثاني للإمام الحجة محمّد بن عثمان العمري (رحمه الله)، وكانا محل ثقة الإمامين الحسن العسكري والإمام المنتظر المهدي (عليهما السلام).

ولد من أبوين فقيرين، كان أبوه يشتغل بالزراعة تعلم الكتابة في أحد الكتاتيب وعندما بلغ مبلغ الرجال اصطحبه أبوه معه لزيارة العتبات المقدسة.

وبعد انتهاء مراسيم الزيارة ذهب به أبوه إلى الحوزة العلمية في النجف الأشرف وسلمه أحد العلماء المسؤولين عن الحوزة العلمية في النجف الأشرف.

كان (رحمه الله) موضع اهتمام المسؤولين لذكائه ولكونه من مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله).

دراسته:

درس المقدمات والسطوح وواصل درسته حتى مرحلة البحث الخارج، وكتابة التقريرات حتى وصل إلى درجة الاجتهاد.

مستواه العلمي:

ومما يدل على العلمي الرفيع ما حكاه معاصروه من شاهدوا الحجاج الإيرانين والهنود والعراقين إذا أقبلوا على مجلسه جثوا على الأرض ومشوا إليه حبواً.

استقر في المدينة المنورة كوكيل لمراجع التقليد واشتغل بالفلاحة.
وفي كل عام يذهب إلى مكة المكرمة قبل حجّاج المدينة، فيؤدي مناسك العمرة في مكة في حي (النقا) وهناك يأتيه الحجاج القادمين من الأقطار الاسلامية.

يدفعون إليه البدلات وهو بدوره يقوم باختيار المؤمنين الذين يرغبون في الحج بالنياية.

توفي الشيخ علي العمري عندما أقفل راجعاً الى المدينة في الطريق في قرية عسفان من شهر ذي الحجة عام 1349 ودفن هناك.


معلميه ومن تتلمذ على يديهم
:

كان مدرسيه (رحمه الله) كل من: العلامة اللبناني الشيخ محمد جواد مغنية، والشيخ محمد تقي آل صادق اللبناني، وهذا الأخير قد اولاه الخصوصية البالغة كأبنه يحوطه برعايته، ومنهم العلامة الشيخ محمد رضا المظفر، والشيخ محمد حسين المظفر، والسيد باقر الشخص ، والسيد علي مدد ، والسيد مسلم الحلي (رحمهم الله).


الخدمات الجليلة الذي قدّمها للمؤمنين:

أدى (رحمه الله) العديد من الخدمات الجليلة للمؤمنين في المدينة المنورة لخدمة الاسلام ومذهب آل البيت النبوي (صلى الله عليهم أجمعين) ومحبيهم، وقام بإنشاء الكثير من الأماكن العبادية للشيعة في المدينة ؛ كالحسينيات.

وتصدي طيلة عمره الشريف في خدمة مذهب أهل البيت لأحياء جميع المناسبات الاسلامية.

و لا تزال مزرعة الشيخ العمري (رحمه الله) محل استقبال الضيوف والزوّار للمراقد المقدّسة في المدينة المنورة.

ونسأل الله العلي القدير أن يتغمّده بواسع رحمته، وأن يحشره مع الإمام الحسين ابن علي (عليهما السلام)، الذي نعيش في ذكرى أربعينه.

منقول بتصرّف يسير