الجمعة، فبراير 11، 2011

ما هي أسباب نزول الآلام و الابتلاءات على المؤمن؟ العدد 1


بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني


مقدّمة أولى:
أن أشدَّ الناسِ ابتلاءً هم الأنبياء والمرسلون ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل، وتؤيّده الكثير من الروايات الشريفة، سيأتي ذكر بعضها.

مقدّمة ثانية:
وهي شرطٌ في المقام؛ شرط أن يكون هذا البلاء يتحمّله المؤمن وأن لا يسبّب له (أي نزول البلاء عليه) مضرّة في دينه، ونقصٍ في عقيدته، وتحصل له ردّة فعل ومفسدة أكبر من المنفعة المرجوّة، فيكون من قبيل نقض الغرض، وهو قبيحٌ على الله !.

وسيتبيّن هذا الأمر من خلال معرفة الأسباب وأنّها كلّها تصبُّ في مصبٍّ واحد، وهو رفع شأن المؤمن و استحقاقه لدخول الجنّة يوم القيامة، وإنزال البلاء على المؤمن مع حصول الكفر والارتداد يكون من قبيل نقض الغرض كما قلنا سابقاً.

وما يؤيّد هذا الشرط ما ورد عن أهل بيت العصمة والطهارة m؛ عن أبي جعفر الباقر قال: إنما يُبتلى المؤمنُ في الدنيا على قدْر دينه، أو قال: على حسب دينه.[1]

عن الشيخ الكليني بسندٍ إلى عبد الرحمن بن الحجاج قال: ذُكِرَ عند أبي عبد الله o البلاء وما يخص الله ! به المؤمن، فقال: سئل رسول الله Mمَن أشدُّ الناسِ بلاءً في الدنيا فقال: النبيون ثم الأمثل فالأمثل، ويبتلي المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله فمن صح إيمانه وحسن عمله اشتد بلاؤه ومن سخف إيمانه وضعف عمله قل بلاؤه[2].

وعنه عن أبي عبد الله قال: إن الله يبتلي المؤمن بكل بليّةٍ ويُميته بكل ميتة ولا يبتليه بذهاب عقله، أما ترى أيّوب كيف سلّط إبليس على ماله وعلى ولده وعلى أهله وعلى كل شيء منه ولم يُسلط على عقله، تُرك له ليُوحِّدَ اللهَ به.[3]

مقدّمة ثالثة: في معنى البلاء:
وعندما نطلقُ كلمة بلاء وابتلاء فهي أعم، تشمل حالات السقم أو الصحّة، الفقر أو الغِنى، الحب والبغض والكراهيّة، وكذلك فقدان الأهل والأوطان والأموال إلى آخرها من الأمور التي يبتلي بها الناس عادةً.

مقدّمة رابعة: ابتلاء المؤمن وما ورد فيه:

وقبل أن نقفَ على الأسباب نتبرّك بذكر جملة من الروايات الشريفة في ذكر بلاء المؤمن بنحوٍ مطلق:


 1- روى الشيخ الكليني بسندٍ إلى داود ابن سرحان قال: سمعت أبا عبد الله oيقول: أربع لا يخلو منهن المؤمن أو واحدة منهن، مؤمن يحسده وهو أشدَّهن عليه، ومنافق يقفو أثره، أو عدو يجاهده أو شيطان يغويه.[4]

2- عنه بسندٍ إلى محمد بن عجلان قال: كنت عند أبي عبد اللهo فشكا إليه رجل الحاجة فقال له: اصبر فإن الله سيجعل لك فرجاً، قال: ثم سكت ساعة، ثم أقبل على الرجل فقال: أخبرني عن سجن الكوفة كيف هو؟ فقال: أصلحك الله ضيق منتن وأهله بأسوء حال، قال: فإنما أنت في السجن فتريد أن تكون فيه في سعة، أما علمت أن الدنيا سجن المؤمن؟ [5] 

3- عنه بسندٍ إلى إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللهo قال: ما كان ولا يكون وليس بكائن مؤمن إلا وله جار يؤذيه ; ولو أن مؤمناً في جزيرة من جزائر البحر لأبتعث الله له من يؤذيه.[6] 

4- عنه بسندٍ مرسل عن أبي عبد الله أنه قال: إنما المؤمن بمنزلة كفّة الميزان، كلما زيد في إيمانه زيدَ في بلائه.[7] 

5- ما ورد في حصول الأجر والثواب على البلاء والصبر عليه، ما روي عن مولانا الصادق أنّه قال: إنَّ في الجنّة منزلةٌ لا يبلغها عبدٌ إلا بالإبتلاء في جسده.[8] 

6- وعنه عن ابن أبي يعفور قال: شكوتُ إلى أبي عبد الله ما ألقى من الأوجاع –وكان مسقاماً- فقال لي: يا عبد الله، لو يعلم المؤمن ما له من الأجر في المصائب لتمنّى أنّه قُرِضَ بالمقاريض.[9]



[1] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة ابتلاء المؤمن الحديث 9.
[2] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة ابتلاء المؤمن الحديث 2.
[3] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة إبتلاء المؤمن الحديث 22.
[4] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به، الحديث 4.
[5] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به، الحديث 6.
[6] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب ما أخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به، الحديث 11.
[7] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة ابتلاء المؤمن الحديث 10.
[8] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة ابتلاء المؤمن الحديث 14.
[9] الكافي الشريف: ج2 كتاب الإيمان والكفر، باب شدّة ابتلاء المؤمن الحديث  15.


ليست هناك تعليقات: