بقلم: أبو روح الله المنامي البحراني
بعد واقعة الطف، والفاجعة الأليمة التي جرت على أهل البيت q من قتل الرجال وسبي النساء وضرب الأطفال، وما جرى عليهم في كربلاء وما بعد كربلاء، وبعد أن وصل الإمام زين العابدينo إلى كربلاء، في يوم العشرين من صفر لعام 61 هـ ، زار الإمام زين العابدينo ومن معه قبر الإمام الحسين الشهيدo، وتذكّروا فجيعة يوم عاشوراء وما حدث لهم فيها، وحينما أرادوا الرجوع إلى مدينة جدّهم رسول الله K، أخذ الإمام زين العابدين oمن تراب ذلك القبر الشريف، وأخذ يتبّرك به ويستشفي به، واتخذه بعد ذلك تراباً للصلاة عليه، فكان يضعه في صرّة ويفترشه للصلاة. وبعد ذلك اتخذ أهل البيتq وشيعتهم تربة قبر الإمام الحسين oللصلاة عليها والاستشفاء بها.
فكما نقل الحافظ ابن شهر آشوب في كتابه المناقب قال: كانت له –أي للإمام علي ابن الحسينo-خريطة فيها تربة الحسينo، إذا قام في الصلاة تغيّر لونه، فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يرفض عرقاً.
ولمّا جاء دور الإمام الباقر والصادق p ومع الفُسحة النوعيّة في أيامه، روى الكثير من الروايات في فضل تربة الإمام الحسين الشهيد o، ونجد أنّ النصوص الواردة في الفضل والثواب مبتدأ منهما.
ونقفُ عند بعضٍ منها:
1- روى الشيخ الطوسي في كتابه مصباح المتهجّد عن معاوية بن عمّار، قال: كان لأبي عبد الله o– يعني الصادق- خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله الحسين o، فكان إذا حضرته الصلاة صبّه على السجادة وسجد عليه، ثم قال: إن السجود على تربة أبي عبد الله oيخرق الحُجب السبع.
2- وعن الحسن بن محمّد الديلميفي كتابه إرشاد القلوب، قال: كان الصادق oلا يسجد إلا على تربة الحسين oتذلّلاً لله واستكانةً له.
3- وعن الشيخ الصدوق في كتابه من لا يحضره الفقيه، قال: قال الصادق o:السجود على طين قبر الحسين oينوّر الأرضين السبع.
أما ما ورد في الترغيب في اتخاذ المسابح من طين قبر الإمام الحسين oفقد روي فيه أيضاً عن مولانا الصادق oما يلي:
1- ما أورده المحدّث النوري في مستدرك الوسائل بإسناده إلى الإمام الصادق o،قال: إن فاطمة بنت رسول الله Kكان سبحتها من خيط صوف مفتّل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت تُديرها بيدها تكبّر وتسبّح،حتّى قُتل حمزة بن عبد المطّلب oفاستعملت تربته، وعملت التسابيح فاستعملها الناس، فلمّا قُتل الحسين oعُدل بالأمر إليه، فاستعملوا تربته لما فيه من الفضل والمزيّة.
2- وعن الحسن بن محبوب في كتابه: أنّ أبا عبد الله oسئل عن استعمال التربتين من طين قبر الحمزة oوقبر الحسين oوالتفاضل بينهما، فقال: السُبحةُ من طين قبر الحسين o تُسبّح بيد الرجل من غير أن يُسبّح.
3- وروى الشهيد الأول في كتابه الذكرى عن الإمام الصادق oأنّه قال: من كانت معه سبحة من طين قبر الحسين o كُتب مسبّحاً وإن لم يُسبّح بها.
4- وروى الطبرسي في مكارم الأخلاق عن الإمام الصادق oقال: من أدار سبحة من تربة الحسين oمرّة واحدة بالإستغفار أو غيره، كتب الله له سبعين مرّة.
في أي زمن تم صناعة التربة –كما هي الآن-؟
ورد عن الإمام المهدي uفي توقيعٍ له من الناحية المقدّسة حيث كُتب إليه يسأله عن السجدة على لوح من طين القبر، هل فيه فضل؟ فأجاب u: يجوز ذلك وفيه الفضل.
فمن هذه المكاتبة نفهم أنّ صناعة التربة على شكل لوح كان في زمن الغيبة الصغرى للإمام المهديuأو قبله بقليل، وأنّ السجود على التربة الحسينية قد اختفى عملاً حتّى شكّ في الجواز من عدمه، فأجاب الإمام uبالجواز.
وكذلك إثبات الفضل والثواب فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق