الاثنين، يناير 17، 2011

أين معاوية من علي ؟!



قال تعالى (عزوجل) : ( وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه ) سورة فاطر 35

إن الزمان مهما طال فهو يُعيدُ نفسه، وأن هناك سُنُنٌ في هذه الدنيا، فالحق والباطل طرفان لا يجتمعان في مكانٍ واحد، وأنّ الزمن مهما طال فإن الخاتمة للحقِّ على الباطل، وكذلك الظالم والمظلوم، فإنّه مهما عاش الظالم مسيطراً على عروشه فإنّه في خاتمة المطاف إلى زوال ويأتي ذلك اليوم الذي نرى فيه المظلوم يقتصُّ من الظالم.

وعلى هذا الغِرار لو تأمّلنا في حياة أمير المؤمنين (عليه السلام) –وهو ممن ظُلمِ كثيراً في هذه الدنيا-لوجدنا بأنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) عانى الكثير ممّن هم حوله، سواء المنافقون –كالأشعث بن قيس وغيره-أو من أعدائه ظاهري العداء –كمعاوية وابن العاص ومن حذى حذوهما من أهل الشام-.

فكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يمثّل أوضح صورة للإسلام وتعاليمه، فلم يكن يستعمل المكر والخديعة في سياسته مع أعدائه، فعندما كان جيشه مستولٍ على مشرعة النهر لم يمنع عدوّه من الماء المباح، ولكن لمّا وصل معاوية إلى النهر منعه عن جيش أمير المؤمنين (عليه السلام)، حتّى أمرهم الإمام بأن يحملوا السلاح ليحصلوا على الماء؛


ولكن روحيّة أمير المؤمنين (عليه السلام) وأخلاقه ومبادئه ترفض هذه السلوكيات والمعاملة السيئة حتّى لو كان الطرف الآخر عدوّاً له، ويحاربه. فأبى عليهم ذلك، وقال: إن الماء مباحٌ بيننا ولا أمنعه عنهم.


نعم، هكذا كان أمير المؤمنين (عليه السلام) مع أشدّ الناس عداءً له  –كمعاوية وجيش الشام-وموقف آخر لأمير المؤمنين (عليه السلام) حينما وقف له بعض الخوارج في مسجد الكوفة، فلمّا أراد أن يخطب الإمام وقف رجل وقال: يا علي ، لا حكم إلا لله. فسكت الإمام هنيئة، فأراد أن يواصل الخطبة فقام له رجل آخر وقال مقالة الأول (لا حكم إلا لله)، وهكذا حتّى قام إليه جمعٌ وهم يقولون هذا الكلام، فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام): نعم، لا حكم إلا لله، ولكن كلمة حقٍّ يُراد بها باطل.


وبعد ذلك أوضح لهم حقوقهم كمعارضين له (عليه السلام)، وكان بإمكانه أن يحرمهم حقوقهم ويمنعهم عطاءهم ويعاملهم معاملة المعارض للحكم، ولكن تأبى شخصية الإمام وأخلاقه أن يتعامل بهذه الطريقة الظالمة.


وأمّا أخلاق معاوية وابن النابغة فكان على عكس ذلك، فكانت سطوة معاوية هي المسيطرة على المسلمين، فقام بمنع أي شخصٍ يُعارضه في حكمه من عطائه، وأسقطه من ديوان بيت المال، بل قتل الأبرار والصالحين لأنّهم من أتباع أمير المؤمنين (عليه السلام) كحجر بن عدي وأصحابه، بل أكثر من ذلك كان يقتل الشيعة على الظنّة والتُهمة، فكان أيُّ شخصٍ يُتّهم بالتشيّع أو يُتّهم به فمصيره القتل والتشريد.

نعم، كل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ، فأين الثرى من الثُريا؟ وأين معاوية من علي؟

وقد قالها الإمام لأصحابه: ما معاوية بأدهى منّي إلا أنّه يمكر ويفجر، وأنا لا أفعل.

فحريٌّ بالمسلمين أن يختاروا طريق الحق والصواب، وعلى أتباع الإمام علي أن يكونوا كعلي (عليه السلام)، وأن يتخلّقوا بأخلاقه يتّبعوا نهجه وطريقته في المعاملة.

وأن يبتعدوا عن الغدر والمكر فإن المكر السيئ يعود على صاحبه عاجلاً أو آجلاً.


أبو روح الله المنامي البحراني

قم المقدّسة

ليست هناك تعليقات: