الأربعاء، أبريل 27، 2011

رسالة توضيحيّة بشأن مُلكيّة الدولة للأراضي في البحرين وهدم المساجد



سماحة الأستاذ الشيخ محمود الصددي.
تقرير: أبو روح الله المنامي البحراني.


قد ذكر البعضُ بأنّ الأرض هي إما ملكٌ لفردٍ أو لجهةٍ، ولا يجوز التصرّف فيها إلا بإذنه، فلا يجوز بناءُ أو استحداث أي بناءٍ على الأرض إلا بإذن الفردِ أو الجهة.

الجواب:

في هذا الكلام قسمان؛ قسمُ يرتبط بالفرد وآخر يرتبط بالجهة، فيما يتعلّق بالفرد فهو صحيح، وموافق لآراء الفقهاء جميعاً، فلا بد من إذن الفرد قبل التصرّف في ملكه.


وإنما الكلامُ في القسم الثاني –أي ما يرتبط بالجهة-فإنَّ المُدّعى أنّ الحكومة هي الجهة التي يجب استئذانها للبناء أو التصرّف فيها.

فنقول: بأنَّ هذا الكلام ليس بأكمله صحيحاً، وذلك من أنحاء:

أولاً: في ملكيّة الدولة للأراضي، فهي مسألة خلافيّة بين فقهاء الشيعة الإماميّة، فالمشهور لدى الفقهاء بأنّ الدولة لا تملك الأموال ومنها الأراضي في نفس الدولة.

وملكيّة الدولة هو رأي بعض الفقهاء المعاصرين دون البقيّة، وقد ذهب إلى هذا الرأي الإمام الخميني الراحل ¥ والإمام القائد الخامنئي وغيرهما من المعاصرين.

ثانياً: وفقاً لرأي مشهور الفقهاء –في مسألة ملكيّة الدولة- فتكون هذه الأموال والأراضي إما مجهولة المالك، وفي مجهولة المالك يرجعُ أمرها إلى الحاكم الشرعيّ (الفقيه الجامع للشرائط) ، فيكفي إذن الحاكم بالتصرّف فيها أو أراضي موات.

قد اتضح من الجواب أنَّه وفقاً لرأي مَن يرى الملكيّة للدولة فتكون الأرض إما للفرد أو الحكومة، وأمّا رأي المشهور من عدم ملكيّة الدولة فتكون الأرض إما للفرد (وهذا الفرد إما أن يكون معلوماً خارجاً أو مجهولاً) أو غيرُ مملوكةٍ لأحد (وهي الأراضي الموات).

ثالثاً: في أراضي الموات، وأنَّ من أحيى أرضاً فهي ملكهُ شرعاً، فيجوز له أن يتصرّف فيها بما يشاء بأن يجعلها بيتاً أو مزرعةً أو يُوقفها مسجداً، فإذا دخلتْ في ملكه جاز له كلّ التصرّفات.
  
  §  حكم أراضي البحرين:

أما في خصوص ما يرتبط بأراضي البحرين، فهي من الأراضي التي لم تُفتح عنوةً (أي بالحرب أو القتال) فقد دخلت الإسلام من دون إراقة الدم كما حصل في كثيرٍ من الأراضي في زمن الرسول K أو من جاء بعده، كالعراق أو الشام أو مكّة المكرّمة وغيرها من الأراضي، فإنها قد فُتحت عنوةً (أي فُتحت بالحرب والقتال بين الطرفين).

  §  الفرق بين الأراضي المفتوحة عنوة وغيرها:

إن الفرق بين الأراضي التي فُتحتْ بالحرب والقتال والأراضي التي دخلت الإسلام طوعاً يكون في أمور:

الأمر الأول: أن الأراضي المفتوحة بالحرب والقتال تكون ملكاً لجميع المسلمين، سواء المعاصرين لذلك الزمان أو من يأتي في الأزمة القادمة، فهي أشبه ما تكون بغنيمة الحرب التي ينالها المقاتلون بعد فتح الأرض ودخولها الإسلام.

الأمر الثاني: أن الأراضي التي دخلت في الإسلام من دون حرب أو قتال –كالبحرين وبعض أراضي المدينة المنوّرة واليمن-فهي قسمان:

القسمُ الأول: ما كان في فترة الدخول في الإسلام عامرة فهي مُلكٌ للمسلمين الذين يعيشون فيها فقط (أي تبقى كما هي).

القسمُ الثاني: ما كان في فترة الدخول في الإسلام غير عامرة فهي من الأنفال التي يرجع مُلكها للرسول الأكرم K ومَن بعدها من أئمة الهدى q. وهم – الأئمة الأطهار q- قد أحلّوها لشيعتهم إلى يوم القيامة.

وقد ذكر الإمام الخميني الراحل ¥ في تحرير الوسيلة ما هذا نصّه: " الظاهر إباحة جميع الأنفال للشيعة في زمن الغيبة، على وجهٍ يجري عليها حكم المُلك" [1].

  §  تعارض القوانين الوضعيّة مع الشرع:

لا يخفى بأنّ القوانين الّتي تُنظّم حياة المجتمع لا يجوز مخالفتها، بل يحرم مخالفتها حتّى لو كانت في نفسها من المباحات، كإصدار رخصة البناء مثلاً أو رخصة السياقة أو بعض الأنظمة المروريّة أو الأمور التجاريّة، فإنّ الشارع المقدّس قد أولى الجانب الاجتماعي أهميّة بالغة لحفظ النظام الاجتماعي العامّ.
وهذا ممّا لا خلافَ فيه ولا نزاع، وإنما الكلامُ لو كان هذا القانون الوضعيّ التنظيمي خالفَ حكماً شرعيّاً ثابتاً، فهل يجوز تقديم القانون الوضعي على الحكم الشرعيّ أو لا؟

في هذه الحالة يُنظر إلى الأهمِّ والمهم في المسألة، فإذا كان القانون الوضعي مصلحته أهمّ من تطبيق الحكم الشرعيّ لا بأس في تقديمه على الحكم الشرعيّ، وأمّا في حالة كون الحكم الشرعيّ مصلحته وتطبيقه أهمّ من القانون الوضعي، فلا شكَّ في تقديمه عليه، بل في حالة مخالفته والحالة أنّه –أي الحكم الشرعيّ- أهمّ من القانون الوضعي يكون مشمولاً لقوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}[2] أو {... الظالمون}[3] أو {... الفاسقون}[4].

 § هدم المساجد:

هل يجوز هدمُ المساجد وتخريبها بحجّة كونها مخالفة للقانون الوضعيّ؟

لا شك ولا ريب بأنّه من المحرمات الكبيرة، ولا يختلف على هذا الأمر إلا من يخرج عن الإسلام والفطرة السليمة، ولا يمكن قبول أي تبرير أو حجّة في هذا الأمر، فإنَّ هدم المساجد في الحقيقة المُراد منه طمس الهويّة الإسلاميّة ومحوها، فكيف يمكن قبول هذا الفعل الشنيع، وخصوصاً من دولةٍ تدّعي كونها تطبّق الحكم الإسلاميّ؟!!

ولا يخفى أيضاً بأنّ هذه التصرّفات العدوانيّة التي تهتك حرمة المساجد قد تصرّفت في الأوقاف وهو في الحقيقة اِعتداءٌ على الله وبيوته، وأنّهم قد انتهكوا حرمة الله قبل بيوته.

والأشدُّ من ذلك كلِّه تبرير هذا الفعل الشنيع بكونه مخالفاً للقوانين الوضعيّة الجائرة، فأيُّ شرعيّةٍ لقانون لم يحفظ حكم الله فيه، واعتداء على حرمة الله؟! وهل يكون هذا القانون محترماً وهذه أفعاله؟!

24 إبريل 2011م
تعليقاً على ما نُقل في تلفزيون البحرين ومقابلتها مع أحد طلبة العلم.

[1] تحرير الوسيلة ج1 كتاب الخُمس / الأنفال.
[2] سورة المائدة الآية 44.
[3] سورة المائدة الآية 45.
[4] سورة المائدة الآية 47.

هناك تعليق واحد:

Bange Rahil يقول...

Hi
I think you are from Bahrain, Aren't you?
Here in Iran we are hearing really bad news about there.
Yesterday PressTV said that governmental forces even attacked to cemeteries.
What is going on there?
In Iran some students of uiversities had tried to come there and help people but governmental forces didn't let them do that