الثلاثاء، أبريل 12، 2011

ماذا تنتظرون من الله ؟ وماذا ينتظر أعدائكم؟


قال تعالى: {لا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون...}. سورة النساء الآية 104

من الحقائق القرآنيّة التي تبعث في نفوس المؤمنين الأمل، وإنّ النصر في خاتمة المطافِ حليفهم، أنَّ الله قد وعد عباده المؤمنين بنصرهم، وخذلنا أعدائهم، وارتداد المكر والكيد الذي يقومُ به الظالمُ عليه في الخاتمة {ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين} [1].
وهذه الحقائق تجعل الإنسان المؤمن أكثر وعياً وثباتاً في مواجهة الظالمين والمستكبرين، وإنّ النصر للمؤمنين على الظالمين والكافرين {وما النصرُ إلا من عند الله العزيز الحكيم} [2].


وقد يتوهّم البعضُ بأنّ النصر دائماً يكون بقوّة السلاح والعتاة، في حين أنّه لا يُقتصر على هذا المعنى من الانتصار، فإنّ للإنسان جولات وصولات مع عدوّه الداخلي-وهي نفسه- تارةً، أو مع العدو الخارجي آخرى، فجهاد النفس يكون الانتصار فيها بإخضاع النفس لمملكة العقل و الشرع، وعدم انحرافها عمّا ينافي العقل و الشرع، أمّا مع العدو الخارجي تارةً يكون النصر بهزيمته عسكرياً أو ينالَ المؤمن شرف الشهادة، فيكونُ مع الشهداء والصدّيقين {قل هل تربّصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون} [3].
وهذه الآية المباركة -في صدر المقال- في صدد بيان حال المؤمنين حين المعركة والمواجهة مع العدو، فهي توضّح صعوبة الحرب والمواجهة، فالآية المباركة على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: {لا تهنوا في ابتغاء القوم} فإنّ اللهَ يطلبُ من المؤمنين الثبات وعدم الوهن والضعف في حالة مواجهة القوم والعدو.
القسم الثاني: {إنْ تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون} وهي إشارة إلى تساوي حال المتقاتلين، وحصول الألم لكلا الطرفين بحدِّ سواء، فلا يظنّ المؤمن بأنّه في هذه المواجهة هو وحده من يناله الألم والمعاناة، بل إن العدو أيضاً يتألّم لما يناله من المؤمن.
القسم الثالث: {وترجون من اللهِ ما لا يرجون} وهو الفرق الجوهري بين المؤمنين والكافرين، إنّنا أفضل حالاً منهم وأسعد حيث إن للمؤمنين يرجون الفتح والظفر والمغفرة من الله ، وأمّا الطرف المقابل فلا يرجو هذا. وكلُّ ما يرجوه الظالم هو اسكات صوت الحق والتنعّم بهذه الدنيا الزائلة.

الواقع في البحرين:
ففي واقعنا ومواجهتنا لطغاة الحكومة الظالمة والمستبدّة نتلمّس حالات الجزع والألم التي تنال الظالم، والخوف الذي يقضّ مضاجعهم، فهل تتصوّر بأنّهم يرقى لهم حال أو تغمض لهم جفن في الليل؟
وهل تتصّور أخي المؤمن بأنّ حالهم أفضل من حالنا؟! فهم يسهرون من أجل تدبير المؤامرات ويتم حياكتها في جنح الليل المظلم حتّى يوقعوا المؤمنين في هذه المؤامرات للتخلّص منهم. فهم لا يرتاحون لحظةً واحدة، ولا ينخدع المؤمن بحالات الضحك والاستبشار التي بإمكان أي شخصٍ أن يتصنّعها ويُظهرها أمام الآخرين، في حين أن قلبه مشغول بصنع الحيل والمؤامرات.
وقد سمعتم قبل أيام قليلة خطاب ابن الحاكم، ويمكنكم تلمّس الألم وأين يكمن عندهم! فالألم لا يكمن في البدن والجسم، فأبدانهم وأجسامهم سالمة من الجراح والآلام، ولكن الألم في الخوف على مصالحهم الشخصيّة ومناصبهم وأموالهم التي خسروها جرّاء الأحداث التي جرت خلال الأشهر الماضية.
بالإضافة إلى التنازع الذي يحصل داخل بيت العائلة الغاصبة، والتكالب على المناصب فيما بينهم، وكلُّ شخصٍ منهم يسعى لما يحقّق له آماله وأهدافه.
ولا يمكننا أن ننسى السمعة السيئة التي انكشفت للعالم أجمع من ظلمهم وبطشهم بالشعب، وخيانته والاعتداء عليه، فهم ومن خلال قنواتهم المفضوحة تحاول أن تعكس الجانب الإيجابي والاستقرار الداخلي في البلد، ولكنهم يفضحون أنفسهم بنفسهم.
فلا سياحة في البلد ولا اقتصاد وهبوط العملة وغيرها من الأمور التي تسبّب لهم القلق وتسلب منهم الراحة والنوم.
في المآل نقول: لقد وعد الله المؤمنين بالنصر، وأن يُرجعَ كيد الكائدين إلى نحورهم.
قال تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين f إن يمسسكم قرحٌ فقد مسَّ القوم قرحٌ مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتّخذ منكم شُهداء واللهُ لا يحب الظالمين} [4].


[1] سورة آل عمران الآية 54.
[2] سورة آل عمران الآية 126.
[3] سورة التوبة الآية 52.
[4] سورة آل عمران الآية 139 -140.

ليست هناك تعليقات: